ولقد كنتُ في أثناء دراستي وعملي عند شيخي الفاضل أبي الحسن السليماني -حفظهُ الله تعالى ونفع به- ضمن أبحاثه النافعة الماتعة (١) أتعبُ أحيانًا في الترجمة لبعض الرّواة، إما لنزُول طبقة رواة الإسناد، أو لنسبة، أو لتصحيف واقع خرج به عمّا عليه الاعتماد، فأرى أنه قد تُرجم له في "رجال الحاكم في مُستدركه" وقد قُرِّبَ بذلك للباحث أَيُّمَا تقريب.
رأيتُ هذا وتذكرتُ كلمة شيخنا ﵀ التي كان يكررها علينا عند تدريسه للمستدرك:(إننا نرى كثيرًا من الباحثينَ المعاصرينَ يعجزون عن الترجمة لأصحاب الطَّبقة النازلة كشيخ الحاكم وشيخه، بل ترى في عبارات بعضِهِم التملصُ والانسلال، فكم من راو حكمُوا عليه بأنه لم يُترجم له وهو في كتبٍ سهلة المنَال، معرُوفة المجال، ولكن الهيبة، بل أحيانا العجز والكسل).
فنحمُدُهُ سُبحانه أن سخّر لنا مثل هذه الكُتب، وقد كان مثل هذا في عمل الأئمة السالفين تُقرَّب للباحثين ما بَعُد، وتُسهل ما صَعُب.
وما الفوائد المُجتناة من مثل كتاب "تعجيل المنفعة بزوائد الأئمة الأربعة" للحافظ ابن حجر ﵀، وكتاب "مغاني الأخيار بتراجم رجال معاني الآثار" للعيني ﵀، وغيرهما إلا مثالًا يُقتدى به لاعتناء الأئمة من قديم بمثل هذا الفن الجليل؛ فما كان اعتناؤُهم -يا أُخَيَّ- بذلك من فراغِ!!!، بل هو من تسديدٍ واقتناعٍ بأهميته وبحاجة الباحث المفيد إلى أن يروي منه نهمتَهُ.
(١) وقد لازمت شيخنا في العديد منها؛ فكان لي فيها -منه- نفع الله به - الخير الكثير.