للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

(الْحمدُ لله الَّذي شَرَحَ صُدُور أهلِ الإسلامِ للسُّنة، فانقادت لاتِّباعها، وارتاحت لسماعِها، وأمات نُفُوس أهل الطُّغيان بالبدعةِ بعد أن تمادت في نِزاعِها، وتغالت في ابتداعِها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، العالم بانقياد الأفئدة وامتناعها، المُطلع على ضمائرِ القلوب في حالتَي افتراقها واجتماعها، وأشهدُ أن محمدًا عَبده ورسوله الذي انخفضت بحقه كلمة الباطل بعد ارتفاعها، واتصلت بإرساله أنوار الهُدى، وظهرت حجتها بعد انقطاعها، ما دامت السماء والأرض؛ هذه في سمُوها وهذه في اتساعها، وعلى آله وصحبه الذين كسروا جُيُوش المَرَدَة، وفتحوا حُصون قلاعها، وهجروا في محبة داعيهم إلى الله الأوطار، والأوطان، ولم يعاودها بعد وداعها، وحفظوا على أتباعهم أقواله، وأفعاله وأحواله، حتى أمنت بهم السنن الشريفة من ضياعها.

أما بعد: فإنَّ أوْلَى ما صُرفت فيه نفَائس الأيام، وأعْلى ما خُصَّ بمزيد الاهتمام الاشتغال بالعلوم الشرعية، المتلقاة عن خير البرية، ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنّة المصطفى) (١).

ذلك الكتاب الكريم، والذّكر الحكيم، الذىِ فيه خبر من قبلنا، ونبأ من بعدنا، وفصْل ما بيننا، قولٌ فصلٌ، ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعى إليه فقد دعى إلى صراطٍ مُستقيمٍ، محفُوظٌ من عند ربنا تعالى،


(١) من مقدمة "هدي الساري" للحافظ ابن حجر.

ج: ص:  >  >>