كالدنيا دُنياً غيرها فنشبّه هذه بهذه وإنما نحكم بحدوثها لشهادة أَثَر الحدوث بها والعامّي الّذي لا رأى له ولا نظر عنده يطلب الدلائل الظاهرة على الأشياء الخفيّة وذلك مُحال بمنزلة مَنْ يجب أن يرى ما لا يُرى وأن يَسمع ما لا يُسمع أو يسمع ما يُرى ويُرى ما هو مسموع ومن أنصف نفسه أنزل المعلومات منازلها واكتفى من الموهوم بالوهم ومن المحسوس بالحسّ ومن المدلول عليه بالدلالة وقد لعمري لا يتصوّر في الوهم إحداث هذه الجواهر والأعراض لا من غير سابق ثمّ لا يتصور وجود حدث لا من مُحدث فإذا تكافأت الصورتان لزم المصير إلى أشيعهما دلالةً وأدناها إلى الحقّ درجةً فإنّ الدلائل شاهدة بآثار الحدث والقدم موهوم وقضيّة الدلالة عليه من قضيّة الوهم والدليل على أنّ العالم حادث غير قديم كما يزعمون وأنّه لا أوّل له ولا حركة إلاّ وقبلها حادثة لو كان كذلك لما جاز وجود ما هو حاضر في الحال من حركة أو ليل أو نهار أو شخصٍ ما لأنّ ما لا نهاية له في وجوده وعدمه فمحال أن يوصف بأنه قد تناهى وانقضى حدوثه وفُرِغ منه ولأنّ ما لا أوّل له فغير جائز وجود ثانيه