الحوادث وتنتقل به الأحوال ومعاينة هذه يضطّره إلى الإقرار ويبيّن عنه وجه العناد وإن زعم أنّ حكمه في نفسه خلاف حكم العالم قيل ولِمَ زعمتَ ذلك وهل أنت إلاّ جُزْءٌ من العالم بل قد شبّهت في جميع معانيه فسُمِيّتَ العالم الأصغر وكذلك كلّ ما يعاين من الأشخاص والأنواع العُلويّة والسُفلية من الحيوان والنبات ألا ترى أنّك لو عمدت إلى كلّ جزء من أجزاء العالم فاختصصتَه باسمٍ لحصل العالم لا شيء كما أنّك لو فرقت الجوارح والأعضاء لحصل الإنسان لا شيء فهذا يدُلّك أنّ الكلّ اجتماع الجزء لا غير فإن قال لا يقوم في الوهم ولا يتصوّر في النفس حدوث هذا العالم ولا فناؤه وانقضاؤه عُورض بأنّه لا يقوم في الوهم ولا يتصوّر في النفس قدم العالم ولا بقاؤُه مع أنّ القضاء عليه بالحدث والانقضاء أقرب إلى الأوهام وأشدّ ارتباطاً لنفوس لقيام الدلائل الواضحة والبراهين الشافية فإن قال كيف يمكن اعتقاد حدوث هذا العالم لا من شيء ولا في زمان ولا مكان فإنّ هذا اشتطاطٌ في المطالبة وجَوْرٌ في القضيّة لأنّه تكليف تمثيل ما لا مثل له وإحساس شيء غير محسوس وليس نعلم