للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدهر طويلة ثمّ توسّطت الملائكة بينهما ودعَوهما إلى الهُدْنة والموادعة إلى أن يضع بينهما مدّة سبعة آلاف سنة وهي مدّة قوام العالم فاصطلحا على أنْ يكون أكثر الأمر والحكم والغلبة في هذه المدّة المضروبة للجوهر الشرّير فإذا انقضت المدّة أفضى الأمر إلى القديم الخير فأخذ الشرّير يستوثق منه إلى أن ينقضي عالم الشرّ والفتنة والفساد ويصير الحكم إلى الخير المحض وهذا ظاهر الانتقاض والاختلاف وكيف تطمئن النفس إلى عبادة عاجز مغلوب على أمر وكيف يؤمن الشرير الخبيث على الوفاء بالعهود والمواثيق وهل هي منه ألا أفضل الخير وأتم الإحسان فقد وجد من جوهره الخير وهو من غير جنسه كما وجد من جوهر الخير العجز والغلبة وهو شر وليس من جنسه واختلفت الثنوية فزعم ماني وابن أبي العوجاء أن النور خالق الخير والظلمة خالق الشر وأنهما قديمان حيان حساسان وأن فعلهما في الخلق اجتماعهما وامتزاجهما بعد أن لم يكونا ممتزجين فحدث هذا العالم من نفس الامتزاج فأقرّا بحادث حدث في القديم من غير سبب أوجبه ولا إرادة منه فضاهيا المجوس في قولهم أن الخير حدث منه الشر بلا

<<  <  ج: ص:  >  >>