كان حدوثه فزعمت فرقة منهم أنّ القديم الخير تفكّر فكرةً رديئة فاسدة فحدث من فكرته هذا الخبيث الشرير وهذا نقض أصلهم بأنّ جوهر القديم جوهرٌ خير لا يشوبه شيء من الشرور والآفات وزعم آخرون أنّ الخير هفا هَفْوةً فحدث منه هذا الضدّ بلا إرادةٍ منه ولا مشيّة فجعلوا الخير كالمغود الجاهل الذي لا يملك نفسه وأمره وقد أقرّ هذان الصنفان بوقوع الشرّ من الخير المحمود ووجود جنسَيْن مختلفَيْن منه فما حاجتهما إلى إثبات فاعلَيْن مختلفَيْن فإذا جاز وقوع الشرّ من هذا الخير المحمود فما يؤمنهم وقوع الخير من هذا الشرّير المذموم وزعمت فرقة ثالثة منهم أنه لا يدري كيف حدث هذا الشرّير المنازع [١] للخير القديم فأفصحوا بالحَيْرة ونادوا على أنفسهم بالشبهة وبم ينفصون ممّن يعارضهم إذا جاز حدوث شرير فاعل للشرّ لِمَ لَمْ يُجْز حدوث خير فاعل للخير حتّى يكون خالقهم اثنين حادثَيْن وقد زعموا جميعاً أنّ هذا الشرير كايدَ الخير ونازعه الأمر وجمع الخير جنوده من النور والشرير جنوده من أبعاض الظلمة فاقتتلا مدَةً من