أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه أنفذه، وأنتم تكثرون المسائل وقد كرهها رسول الله ﷺ. وقيل المراد بكثرة السؤال كثرة سؤال الناس الأموال والحوائج إلحاحًا واستكثارًا؛ وقاله أيضًا مالك، وقيل: المراد بكثرة السؤال: السؤال عما لا يعني من أحوال الناس بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم والإطلاع على مساوئهم وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: ١٢] قال ابن خويز منداد: ولذلك قال بعض أصحابنا متى قُدِّم إليه طعام لم يسأل من أين هذا أو عرض عليه شيء يشتريه لم يسأل من أين هو وحَمَلَ أمور المسلمين على السلامة والصحة قلت: والوجه حمل الحديث على عمومه فيتناول جميع تلك الوجوه كلها والله أعلم. [٦/ ٣٠٨]
(٥٣٥) قال ابن عبدالبر: السؤال اليوم لا يخاف منه أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله فمن سأل مستفهما راغبًا في العلم ونفي الجهل عن نفسه باحثًا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه فلا بأس به فشفاء العي السؤال ومن سأل متعنتًا غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره قال ابن العربي: الذي ينبغي للعالم أن يشتغل به هو بسط الأدلة وإيضاح سبل النظر وتحصيل مقدمات الاجتهاد وإعداد الآلة المعينة على الاستمداد فإذا عرضت نازلة أُتِيَتْ من بابها ونُشِدَتْ في مظانها والله يفتح صوابها. [٦/ ٣٠٩]