هذه الآية ونظائرها تدل على تدوين العلوم وكَتْبِها لئلا تنسى فإن الحفظ قد تعتريه الآفات من الغلط والنسيان وقد لا يحفظ الإنسان ما يسمع فيقيده لئلا يذهب عنه، وقيل لقتادة: أنكتب ما نسمع منك؟ قال: وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب فقال: ﴿عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)﴾ [طه: ٥٢]. [١١/ ٨٦]
(٨٥٧) وعلى جواز كتب العلم وتدوينه جمهور الصحابة والتابعين وقد أمر ﷺ بكتب الخطبة التي خطب بها في الحج لأبي شاه- رجل من اليمن- لما سأله كتبها رواه مسلم.
وقال معاوية بن قرة: من لم يكتب العلم لم يُعد عِلمه علمًا وقد ذهب قوم إلى المنع من الكَتْبِ والكَتْبُ أولى على الجملة وبه وردت الآي والأحاديث … وأيضًا: فإن العلم لا يضبط إلا بالكتاب ثم بالمقابلة والمدارسة والتعهد والتحفظ والمذاكرة والسؤال والفحص عن الناقلين والثقة بما نقلوا، وإنما كره الكَتْب من كره من الصدر الأول لقرب العهد وتقارب الإسناد لئلا