قال العلماء: ولم يكن قوله: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ جزعًا لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا﴾ [ص: ٤٤] بل كان دعاء منه، والجزع في الشكوى إلى الخلق لا إلى الله تعالى، والدعاء لا ينافي الرضا.
قال الثعلبي سمعت أستاذنا أبا القاسم بن حبيب يقول: حضرت مجلسًا غاصًا بالفقهاء والأدباء في دار السلطان فسئلت عن هذه الآية بعد إجماعهم على أن قول أيوب كان شكاية وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا﴾ [ص: ٤٤] فقلت: ليس هذا شكاية وإنما كان دعاء؛ بيانه: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ [الأنبياء: ٧٦] والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء فاستحسنوه وارتضوه، وسئل الجنيد عن هذه الآية فقال: عَرَّفَه فَاقَة السؤال ليمنّ عليه بكرم النّوال. [١١/ ٢٨٤]