لفظ ما كان، وما ينبغي، ونحوهما معناها الحظر والمنع، فتجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون كما في هذه الآية، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلًا كقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾ [النمل: ٦٠] وربما كان العلم بامتناعه شرعًا كقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ٧٩]، وكقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا﴾ [الشورى: ٥١] الآية، وربما كان في المندوبات كما تقول: ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل ونحو هذا. [١٤/ ١٦٥]
توعد تعالى وأخبر أن من يعص الله ورسوله ﷺ فقد ضل، وهذا أدل دليل على ما ذهب إليه الجمهور من فقهائنا وفقهاء أصحاب الإمام الشافعي وبعض الأصوليون من أن صيغة: افعل للوجوب في أصل وضعها لأن الله ﵎ نفى خيرة المكلف عند سماع أمره وأمر رسوله ﷺ، ثم أطلق على من بقيت له خيرة عند صدور الأمر اسم المعصية ثم علق على المعصية بذلك الضلال فلزم حمل الأمر على الوجوب والله أعلم. [١٤/ ١٦٦]