محمد، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما. فغضب الوليد وتكبر، وقال: أنا أحتاج إلى كِسر محمد وصاحبه فأنتم تعرفون قدر مالي، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك، وإنما أنتم تزعمون أن محمدًا مجنون، فهل رأيتموه قط يَخنُق؟ قالوا: لا والله، قال: وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه نطق بشعر قط؟ قالوا: لا والله، قال: فتزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه كذبًا قط؟ قالوا: لا والله، قال: فتزعمون أنه كاهن، فهل رأيتموه تكهن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعًا وتخالجًا، فهل رأيتموه كذلك؟ قالوا: لا والله، وكان النبي ﷺ يسمى: الصادق الأمين، من كثرة صدقه، فقالت قريش للوليد: فما هو؟ ففكر في نفسه ثم نظر ثم عبس، فقال: ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده مواليه؟! فذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾ أي: في أمر محمد والقرآن ﴿وَقَدَّرَ (١٨)﴾ في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما ﴿فَقُتِلَ﴾ أي: لعن … ﴿ثُمَّ نَظَرَ (٢١)﴾ بأي شيء يرد الحق ويدفعه ﴿ثُمَّ عَبَسَ﴾ أي: قطب بين عينيه في وجوه المؤمنين ﴿وَبَسَرَ (٢٢)﴾ أي: كلح وجهه وتغير لونه.
وقيل: إن ظهور العبوس في الوجه بعد المحاورة، وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة. [١٩/ ٦٨]