ويتواصون به فقد رُخص له في الثناء بما شاء. وإنما عَمِل الصحابيُّ بالسنة، وبنحو هذا الأثر تعرف مظان ما لم يوقت فيه سنة مطردة.
ولقد تكلم في الأمر مَنْ لو أمسك عن بعض ما قال لكان خيرا إن شاء الله، إذ لم يَصِلْ ما أمر الله به أن يوصل، فتجانف إلى إبطال السنة بما هو لها شاهد غير ناقض! بمثل ما في الصحيح [خ ٢٨٨٠] عن أبي هريرة قال في قصة خبيب: فكان خبيب هو سَنَّ الركعتين لكل امرئ مسلم قُتل صبرا اه وخبر عبد الله بن عمرو في الصحيحين [خ ١٩٧٥/ م ١١٥٩] أنه عزم على صوم الدهر حتى بلغه النهي ونحو ذلك .. مما قالوا فيه: دخل الصحابي في العبادة ولم يتوقف ولم يستأذن! كذا قالوا! ونحن نقول: نعم لا يَتوقف مَنْ عنده علم بوجه العبادة في العمل. فمن أين لكم أن الصحابي عمل بلا دليل أو أنه استحسن استحسانا؟!
هؤلاء أصحاب النبي ﷺ عملوا بما أصله العمل، ولم يبتدعوا هيأة لم تشرع، ولا التزموا زمانا مخصوصا أو مكانا مخصوصا .. يتحرونه، وهم كانوا أعرف الناس بما وقت مما لم يوقت فيه حد.
فخبيب صلى لنفسه صلاة لا ليسنها للناس يلتزمونها بعده، وإنما عرفنا أنها سنة تُلتزم في حال معينة من النبي ﷺ. وعبد الله بن عمرو رأى النبي ﷺ يصوم حتى يقال: لا يفطر، ففهم أنها عبادة مطلقة يكثر ما أطاق، فأكثرَ الصومَ حتى نهاه النبي ﷺ. كذلك الأمر في كل نظائره. ففيم المراء؟!
وبعض ما استدلوا به هنا خارج عن محل النزاع كحديث بلال الذي رواه الترمذي [٣٦٨٩] وغيره من طريق الحسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة قال حدثني أبي بريدة قال: أصبح رسول الله ﷺ فدعا بلالا فقال: يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي. دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا لرجل من العرب. فقلت: أنا عربي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من قريش. قلت: أنا قرشي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من أمة محمد. قلت: أنا محمد لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب. فقال بلال: يا رسول الله ما أذَّنتُ قط إلا صليت