للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. فإذا عُلم ما تقدم تبين أن قوله: من السنة أي العمل الجاري في أهل العلم قبله وهم الصحابة.

- ومنها العلم بأن "خبر الواحد" المعمول به في زمن الصحابة "قطعي الثبوت" "يوجب العلم" على اصطلاح المتكلمين. وأين هذا من القواعد التي صاغوا لها صياغة عامة وقالوا: هذه قواعد قطعية باستقراء تصرفات الشرع، وإنما هي عبارات محدثة اعتاضوا بها عن جوامع الكلم التي أوتيها نبي الله ! ثم قالوا في الأحاديث: هذه أخبار آحاد لا توجب العلم إلا الظن لورود الاحتمالات على ثبوتها ودلالتها!! فانظر إلى المحدثات كيف شوهت الدين، وأذهبت اليقين، وأورثت الريب في الكمال والبيان .. ولا والله لا يدرك العبد اليقين حتى يعلم أن الغنية كلها في كتاب الله وبيانِهِ سنةِ نبيه . فإذا جاء حديث عن رسول الله عليه عمله وعمل الصحابة العلماء فهو أحق بالقطع به من الجوامع التي تصاغ بالاستقراء!

- ومنها العلم بأن أمور النوازل (المصالح المرسلة) التي وكل النبي تفصيل القضاء فيها إلى زمن وقوعها - أي تحقيق المناط - على أصله في عدم إشغال الأمة بما لم يأت وقته ليس من البدعة في شيء، لأن البدعة زيادة على الكمال واستدراك، وفتاوى النوازل تنزيل للحكم المقرر في وقته وعمل بالسنة في ما جاء أوانه، ليس زيادة في الدين. وما من عبد يعمل عملا إلا وهو يرى حاجته إلى عمله في صلاح دينه، فإذا رأى هذه المصلحة قائمة في العمل نفسه وأنه محتاج إليه ولو كان مع رسول الله فهو البدعة الضلالة، وإذا كانت الحاجة إليه مما طرأ بعد وأنه مستغن عنه ولا يؤخذ به إلا بمقدار زمان الحاجة فهو ما ينظر فيه من النوازل. فلفظ "بدعة" لا يتناول أمور النوازل بحال، وهذا إنما يكون في الوسائل والأقضية التي لم يكن لها ذكر زمن النبي ليس القربات. فمن لم يعلم أن من منهاج النبي وأصحابه أن لا يعمل عملا لم يأت وقته ولا يفتي في ما لم يأت وقته من أمور الشورى اشتبه عليه البدع بالنوازل، ولم يفهم لِمَ جمع الصحابة المصحف ولِمَ ضمنوا الصناع ..

- ومنها التأسي بالنبي في التربية، فأكثر الآباء يربون أبناءهم بالأمر والنهي أكثر من تحريهم القدوة في أنفسهم، خلافا لمنهاج النبي في تزكية أصحابه وهو خير

<<  <   >  >>