أعلم. فحقيقة العبد أنه لا يراجع .. وهذا جار في الأوامر وفي النواهي كالنهي عن البدع، سواء النهي الخاص كتخصيص يوم الجمعة بصوم، أو النهي العام كقوله ﷺ: وإياكم ومحدثات الأمور اه فكل عبادة سواء بالترك أو الفعل لا يقال فيها لِمَ، إذ لا يسأل الرب عما يفعل وهو يسألون.
وإذ قد علم أن القربات من حيث الجملة لا تعلم حِكمها، فالسؤال عنها حينئذ لغو أو تنطع. غير لائق بالعبد، وهذا ظاهر بحمد الله. وينبني عليه أمور:
- منها أن الأمر عندهم في الذكر الراتب ونحوه التوقيف بلا تصرف مثل ألفاظ التشهد ونحوه مما تقدم. فقد كانوا يتعلمون ذلك ويعلمونه على الحروف. فمن زاد شيئا من عنده فإنما يُزري على خير القرون! ويشذ عن القواعد المحكمة. كمن زاد في الأذان والتشهد لفظ "سيدنا " .. وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة!
- ومنها أن يسقط كثير من الاشكالات التي يوردها بعض المسلمين، إذا قيل له: عملك هذا بدعة! قال: وماذا فيه؟! فكأنه قال معترضا: لأي معنى منع هذا العمل؟! أو أي مفسدة شرعية فيه؟! والسؤال من أصله غير صحيح وغير وارد. فإذا نهاك الله ورسوله ﷺ عن عمل بنص خاص كالنهي عن القراءة في الركوع والسجود، أو بعام كقوله: إياكم ومحدثات الأمور اه فقل: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، تكن متبعا للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان.
- ومنها أن يتبين خطأ من زعم أن سلوك الأدب يقدم على امتثال الأمر، وجعله قاعدة بنى عليها استحسان زيادات مبتدعة! واستدل لها بحديث إمامة أبي بكر بالنبي ﷺ وبحديث علي ﵄ في الحديبية فقال: أمرهما النبي ﷺ بأمر فتركاه للأدب! ثم أجاز لنفسه أن يزيد لفظ " سيدنا " في الأذان والتشهد عند ذكر رسول الله ﷺ بدعوى الأدب، مخالفا خير القرون، ناسيا أن كل بدعة عند صاحب الشرع ضلالة وأنها ليست من الأدب في شيء. وما احتج به لا يدل على المطلوب، وبيان ذلك من وجوه:
- الأول: أن القاعدة المقررة عند الصحابة في حياة النبي ﷺ هي الامتثال (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة منَ أمرهم)[الأحزاب ٣٦]. وهذا من جوامع الكلم عموم في كل أمر لأنه نكرة في سياق الشرط. بل كانوا يتركون