للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم هنا وهنا. فإنكم إن لم تعجلوا بالبلاء قبل نزوله لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سئل سُدد وإذا قال وفِّق اه [الدارمي ١٥٣] فبين أن الأمة إذا احتاجت في دينها حكمة وفق الله من شاء منهم .. فيحكم الله على ألسنة العلماء ما أفسده المغيرون المبدلون ..

ومن ذلك جريان الشبهة في أفعال السلف وأقوال بعضهم كما حذر معاذ من زيغة الحكيم التي يقول من سمع: ما هذا؟! ما أراد بها؟! أو مما يكون في كلام أحدهم من الإشكال كقول بعضهم "نعمت البدعة " .. وكل ما كان مشكلا على السنن المطردة والقواعد المحكمة .. كل ذلك من المتشابه الذي جعله الله قدرا لامتحان العباد.

فوجود مثل ذلك ليس مما يفرح به، ولكنها مما ابتليتم كما قال عمار، ويقول عندها الراسخون في العلم (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) [آل عمران ٧]

فأنت ترى أن وجود المتشابهات في القرآن والسنة والقدر بما فيه أفعال العلماء، يدل على أن الرب واحد لأنه قانون واحد. كل ذلك ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة .. وحكمة الله بالغة.

فحذار من اتباع المتشابهات. وعليك بمنار الطريق ما كان ظاهرا في الأمة زمن النبي والخلفاء الراشدين، ولا يلفتنك عنها تزيين رجال كثروا في الآخرين. والله المستعان.

ولا تطمعن أن لا تجد البتة خلافا في ما نحن فيه، وأن تنتظم لك كل الآثار على نسق واحد من غير شبهة إشكال! إذ لا بد من وقوع الخلاف كما أخبر الصادق المصدوق، وقد كان من بعض ذلك ما هو زيغة الحكيم يقع في بدعة وهو إمام هدى لا تَنَجَّسُ صحيفته به إذ ما بلغ الماء قلتين فحمل الخبث، وإن وقع فيه.

واعلم أن أكثر الأمصار ابتداعا وأسرعها وقوعا فيه العراق والكوفة خاصة. فزيغة الحكيم في تلك الأرض أقرب من غيرها، وليست أرض النبوة والخلافة كأرض ترعرع فيها الحوادث والشقاق، فإن للأرض أثرا في النفوس من حيث لا يشعر أكثر العباد كما قال النبي ليلة عَرَّسَ في واد ناموا فيه عن الصبح: تحولوا عن مكانكم

<<  <   >  >>