ب - العلم بمقاصد النبي ﷺ، وهذا يكون بمصاحبته وإدمان النظر في فتاوى أصحابه لمعرفة مناسبات الخطاب ودلالات الأحوال والأحدث فالأحدث وطريقة التشريع .. لبيان مراد الله ورسوله في كل آية وكل حديث على حدة ..
وكثير من مسائل الأصول هي من مغاليط الأصوليين كقولهم: الأصل في صيغة افعل الوجوب إلا لقرينة، وليس هذا بسنة، ولكن كل حديث ينظر في سياقه كله لمعرفة مراده ﷺ فتارة يأمر بالأمر يبين أن مراده الوجوب في المقام نفسه إما باللفظ أو بالحال، وتارة يأمر بالأمر يُفهم أصحابَه أنه إباحة في المقام نفسه ..
وهذا مثل قول جابر في حجة الوداع: أمرنا النبي ﷺ أن نحلَّ وقال: أحلوا وأصيبوا من النساء. قال عطاء قال جابر: ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم اه [خ ٦٩٣٣]
كذلك قول أم عطية: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا اه [خ ١٢١٩] أي نهاهن لا بهيئة الآمر ولكن كالمخير، فإن لحن الصوت يدل على المراد، وهو من قرينة الخطاب.
وكما روى أبو داود [٢٢٣٣] عن ابن عباس في قصة بريرة لما كرهت زوجها مغيثا فقال: يا رسول الله اشفع لي إليها. فقال رسول الله ﷺ: يا بريرة اتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك. فقالت: يا رسول الله أتأمرني بذلك؟ قال: لا إنما أنا شافع اه
وكما روى عبد الرزاق [٧٥٣٥] عن الثوري عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: نهى رسول الله ﷺ عن الحجامة للصائم والمواصلة ولم يحرمها إبقاء على أصحابه اه [صحيح]
ومعلوم أن خلو السياق من قرينة هو نفسه من القرائن لكن لا ينهض وحده حتى ينظر في مجموع الكلام، فإذا عُلم السياق كله علم المراد. وهذا معلوم من سنته ﷺ، فالسياق عند العرب هو الحَكَم والقانون المطَّرد لا اللفظ الواحد بمفرده، لذلك