للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج - قول الله تعالى (والذين هم عن اللغو معرضون) [المومنون ٣] وهو من جوامع الكلم، فاللغو هو اللاغي الذي لا خير فيه. وهذه جملة اسمية تفيد الثبوت والدوام، أي أن هذا الوصف ثابت لا ينفك عن المؤمنين.

وكل مسألة تضاف إلى الدين ليس تحتها عمل، أي لا تنفع عند الله فبحثها إضاعة للوقت واشتغال بما لا ينفع. وقد كان النبي يستعيذ بالله من علم لا ينفع [م ٢٧٢٢]. وقد مدح الله أصحاب الكهف بأنهم (آمنوا بربهم وزدناهم هدى) [الكهف ١٣] فقص علينا من هديهم أنهم لما بعثهم من مرقدهم قال بعضهم (لبثنا يوما) وقال الآخر (بعض يوم) ثم قالوا وقد فطنوا إلى عدم الفائدة من هذا الأمر (ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه) فتلهوا عن ذلك بالأنفع لهم. وله شواهد أخرى يغني عنها ما تقدم (١).

فكل مسألة لا تنفع العبد في عمل فقد نهي عنها، وإن كانت مما أمر به غيره. قال يعقوب بن سفيان في المعرفة [١/ ٥٥٠] حدثنا زيد بن بشر الحضرمي وعبد العزيز بن عمران الخزاعي قالا أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبي يقول في شيء قط برأيه. قال: وربما سئل عن الشيء من ذلك فيقول: هذا من خالص السلطان اه فكيف بمن استرسل في التكفير والحكم بالردة على أعيان العصاة؟! هداهم الله.

لذلك كان من نصح المفتي العدولُ بالسائل عن الجواب إذا كان لا ينتفع بمسألته أو يتضرر بها (٢)، كما فعل النبي لما سأله الأعرابي: متى الساعة؟ قال: "وما أعددت لها" [خ ٥٨١٥/ م ٦٨٧٩] وكما في حديث أبي فراس المذكور، حيث علمهم ما يسألون عنه، حين سألوا عما لا ينبغي. فبين لهم هذا المنهاج لذلك التزموه بعد نبيهم فَقَلَّ بينهم الخلاف.

قال أبو خيثمة زهير بن حرب [العلم ١٠] ثنا محمد بن خازم ثنا الأعمش عن


(١) - المقدمة الخامسة والسابعة من الموافقات.
(٢) - إعلام الموقعين ٤/ ١٥٨

<<  <   >  >>