أو القضاة منهم خاصة، لما بَدَّع بعضهم بعضا، ولما تفرقوا شيعا .. ولو تركوا الخوض في مسائل "مفترضة" في ترك "جنس العمل" وصور مما لا يقع، وإن وقع لم يختلفوا، لأنه من باب القضاء - أو تحقيق المناط - لا أصل الإيمان، ولو قالوا كما قال الأولون: دعها حتى تقع .. ولكنهم نسوا حظا مما ذُكِّروا به، فجرَّحوا وكفَّروا بغير علم، وهم كانوا قبل أيام ينعون على طوائف كلامهم في الدين بغير علم! وأنهم على غير "المنهاج" .. فوقعوا في البدعة وهم منها يحذرون! وقد روى الحاكم وصححه [٣٦٧٤] عن أبي أمامة ﵁ قال: قال النبي ﷺ: ما ضل قوم بعد هدي إلا أوتوا الجدل ثم قرأ رسول الله ﷺ(ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) اه والله نسأل أن يردنا إلى السنة ردا جميلا.
وكم من اللغو دس في العلم والأصول كقولهم: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟ وهل كان النبي متعبدا قبل الوحي بدين إبراهيم أم عيسى أم نوح .. !؟ ووجوب شكر المنعم .. فقالوا وخاضوا مع الخائضين، وأغنانا الله بما ربى به النبي أصحابه الراسخين.
هـ - قول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)[آل عمران ١٠٣] من جوامع الكلم الدالة على ذم كل تفرق. كذلك قول ربنا تعالى جده (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)[آل عمران ١٠٥] والفعل "تفرقوا""اختلفوا" مطلق. وقال تعالى (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)[هود ١١٨] فاستثنى من الاختلاف المرحومين لأن الاتفاق رحمة والفرقة عذاب كما روي في الحديث (١).
ومن تتبع السنة وجدها على هذا السَنَن لا يذكر الاختلاف إلا بالذم، كما في الصحيح لما أرسل النبي ﷺ معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال: تطاوعا ولا تختلفا. [خ ٢٨٧٣]