وتعالى. ومن نازع ربه في شيء من ذلك فقد انسلخ من العبودية أو من تمامها واتبع هواه، ومن أعطى القرآن بخزامه فقد برئ من الهوى كما قال أبو الدرداء ..
ومن اتباع الهوى أنك تجد صاحب البدعة يوالي عليها ويعادي أكثر من حبه السنن الثابتة، لأنها أخص به، والفيصل بينه وبين غيره. فلسان حاله ينطق أن لا حق إلا فيها وأن الضلال في تركها فيستميت في نصرتها ما لا يفعل مثله في نصر السنة! وهذا هو الهوى عينه، ودليل على ما في قلبه من الفساد، فإن البدع تميز صاحبها ويمتاز بها عن المسلمين ويتراءى للناس بها، فهي من جنس لباس الشهرة الذي يعود على صاحبه بخلاف قصده (١). والعقوبة بخلاف القصد السيئ سنة شرعية وكونية.
ومنه ما قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة [٧٣٢] أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه قال أخبرنا عمر بن أحمد قال ثنا محمد بن هارون بن حميد قال ثنا أبو همام قال نا بقية قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم؟ قال قلت: قوم سوء! قال: ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله ﷺ بخلاف بدعته إلا أبغض الحديث!
وقال الهروي [ذم الكلام ٩١٩] أخبرنا محمد بن موسى حدثنا الأصم حدثنا الصغاني حدثنا أحمد بن أبي الطيب حدثنا بقية حدثنا نعيم بن غريب حدثني عنبسة بن سعيد الكلاعي قال: ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين واختلجت منه الأمانة. قال نعيم: فسمعه مني الأوزاعي فقال: أنت سمعته من عنبسة؟ قلت: نعم. قال صدق، لقد كنا نتحدث أنه ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب ورعه اه
وهذا كما قال ربنا وهو أعلم بمن خلق (والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه)[الرعد ٣٦] فكل من تحزب في دينه ببدعة ينكر بعضا من السنن، وأقربها أدلة النهي عن البدع. (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في
(١) - قال الهروي [ذم الكلام وأهله ٤٨٠] أخبرنا أبو يعقوب أخبرنا محمد بن العباس العصمي سمعت أبا بكر بن أبي عثمان النيسابوري يقول: آخر كلمة تكلم بها أبي سمعته يقول: خلاف السنة في الظاهر من رياء باطن في القلب اه