للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا) [الحج ٧٢] ونعوذ بالله من مَثَل السوء.

وقد قال النبي : ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره ثم إنها تخلُف من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل اه فهذا بيان أن الخلوف الذين يرثون الكتاب من بعد الأولين يقولون بألسنتهم ما لا يفعلون بأعمالهم وقلوبهم من حب الله وولايته والاعتصام بالسنة .. وما هم بمعتصمين! ويفعلون ما لا يؤمرون! فيا ليت شعري مَنْ أمرهم بإقامة الموالد؟! .. مَنْ أمرهم باستحسان البدع والتفنن في اختراعها؟! .. آلله أذن لهم أم على الله يفترون؟!! أوَلم يكفهم ما به تقرب النبي وأصحابُه وما به سبقوا، حتى أحدثوا غيره؟! أَوَ لم يكن لله أولياء من السابقين الأولين أشد حبا واجتهادا في طاعته، حتى أتى المتأخرون بِبِدْعٍ من القول والعمل وقالوا: قُرُبَةٌ حسنة؟! أَوَلم يكن للنبي أحباء من أصحابه يحتفلون به .. حتى أتى مَنْ أحدث ما لا يرى الحق والولاية إلا فيه، ويرى الضلالة والجفاء في خلافه؟!! (كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون) [الأنعام ١٠٨] (١).

ويا ليت شعري ما يضر هؤلاء لو تركوا محدثاتهم واعتصموا بالسنة!! وقد كان العلماء ربما تركوا السنة المقررة والحديث المحكم خوفا من اشتباهه عند الناس بالسنن الراتبة أو الواجب اللازم، ولم يكتفوا بالبيان بالقول حتى بينوا بالفعل (الترك). فإذا كان هذا سَنَن السابقين الأولين مع السُنَن المقطوع بكونها مشروعة، فما الظن بما لم يثبت فيها؟!

ولماذا يستميت المخالفون في نصرة ما أحدثوا بما قدروا عليه من الاحتجاج


(١) - التزيين نوعان: قدري وشرعي، فالقدري في قوله تعالى (كذلك زينا لكل أمة عملهم) والشرعي الذي يحبه الله ما قال فيه سبحانه (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) [الحجرات ٧]

<<  <   >  >>