بالمتشابهات وبالتواصي بها والدوام عليها!! والولاء والبراء .. فانظر كيف نزلت البدعة من صاحبها الذي خرجت من قلبه بمنزلة الولد الذي خرج من صلبه! يستميت فيها! والسعيد من وعظ بغيره.
والمبتدع أهون شيء عليه تحريف كلام الله ورسوله بأنواع التأويلات لأنه يبتدع ثم يستدل، حتى إذا أُعلم بنهي عام أو خاص فكَّر وقدَّر وعبس وبسر، ثم زعم أن قصد الشرع من النهي كذا وكذا .. كما هو العهد بالمسَوَّدين منهم!
وقد قال ربنا ﵎(هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)[آل عمران ٧] فالمحكمات هن أم الكتاب أي معظم الأدلة، والمتشابهات هي القليلة التي يشتبه أمرها ويُشكِل، فتتردد بين موافقة المحكمات وبين مخالفتها. فأما الذين نظروا في الأدلة بقلوب فيها زيغ سابق عن النظر، أي عندهم أفكار يهوونها زائغة عن المعنى الذي تقرره المحكمات الغالبة التي جرى عليها العمل العتيق فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة.
قال البخاري في جزء رفع اليدين [ص ١٤٠] قال وكيع: من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوي هواه فهو صاحب بدعة اه (١) وروى ابن أبي حاتم في التفسير [٣١٩٦] حدثنا أبي ثنا الحسن بن الربيع ثنا ابن إدريس ثنا محمد بن إسحاق قوله (وابتغاء تأويله) ما تأولوا وزينوا من الضلالة ليجيء لهم الذي في أيديهم من البدعة ليكون لهم به حجة على من خالفهم للتصريف والتحريف الذي ابتلوا به، كميل الأهواء وزيغ القلوب، والتنكيب عن الحق الذي أحدثوا من البدعة اه
فهذا الصنف متبع للهوى غير محَكم للشرع في اختياره، لذلك يقع في الفتنة من حيث لا يحتسب.
(١) - رواه الهروي [ذم الكلام ٣٣٧] من طريق البخاري قال سمعت محمد بن سلام البيكندي سمعت وكيعا فذكره.