أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا اه
فما ترك الناس حظا مما ذكروا به إلا وقعوا في الاختلاف، والبدع تورث نقص السنن وتورث الاختلاف فهي ظلمات بعضها فوق بعض، وهذا كما قال النبي ﷺ: ما تواد اثنان في الله جل وعز - أو قال: في الإسلام - فيفرق بينهما أول ذنب يحدثه أحدهما اه [صحيح الأدب المفرد ٤٠٣] وفي لفظ: .. فيفرق بينهما إلا ذنب يحدثه أحدهما اه [السلسلة الصحيحة ٦٣٧]
وقال ربنا ﵎(قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)[الأنعام ٦٨] فقرن بين ذكر الذين يخوضون في آيات الله وما وعد الناس من أن يُلبَسوا شيعا، وهكذا شأن البدع سببها الخوض في آيات الله، ومآلها الاختلاف والاقتتال كما قال تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد)[البقرة ٢٥٣] وهو الذي فهم ابن عباس لما قال في الذين يعجلون بحفظ حروف القرآن: متى ما تسارعوا هذه المسارعة يحيفوا، ومتى ما يحيفوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا اه
وكم من خلاف عند كثير من الناس صار "معتبرا" و "له حظ من النظر" وإنما سببه بدعة وقعت! إما من كلام الأصاغر في الدين ممن أشبه العلماء وليس منهم .. أو أنه زيغة حكيم ينبغي أن تطوى ويعذر عليها، من باب قول النبي ﷺ: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر اه وقال ابن عباس: ويل للأتباع من زلة العالم! قيل: وكيف ذلك!؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى