من هو أعلم برسول الله ﷺ منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم اه
فاعتد ناس بما هذا بابه حتى كثر الخلاف عندهم، وضعف اليقين في القلوب، ورأوا أن أكثر الدين مختلف فيه، وأن الإجماع قليل جدا!! وإنما الخلاف المعتبر ما كان بين فقهاء الصحابة، وكل بدعة بعدهم ضلالة، ليس النوازل التي تُخَرج على مسائلهم ..
وقد تقدم أن من المتشابهات ما يقع عند كلام الأصاغر في الدين وعند الاختلاف كما قال ربنا ﵎(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب. وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم. وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب. فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم)[الشورى ١٤ - ١٥] فالذين أورثوا الكتاب من بعد المختلفين وهم المنتسبون إلى العلم وقعوا في شك مريب، لا كأهل العلم الشاهدين التنزيل، الذين شُرع لهم الدين أي بُين وأظهِر وسُهل كما قال تعالى (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا)[الأعراف ١٦٣] شُرَّعاً أي ظاهرة ميسورة الأخذ. فبعد أن كان ميسورا ظاهرا لهم صاروا في لَبس شديد. وهذا تنبيه لأمتنا لذلك قصه الله علينا. والله المستعان. ثم أمر الله أحدنا أن يستقيم على الأمر لئلا يكون كحالهم فقال (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم) فالاستقامة على الأمر هي السنة، والأهواء هي البدع.
وقال ربنا (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير)[هود ١١٠ - ١١٢] فأمر بالاستقامة على الأمر وهو السنة وحذر من الطغيان فيه وهو الابتداع، بعد أن أخبر عن اختلاف بني إسرائيل وما هم فيه من الشك المريب.