للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في البدعة. ومن أدخلها فيها كان حديث جرير أعم عنده يتناول المصالح المرسلة ومن أحيى سنة. فيكون حديث جرير أعم على الوجهين، ويخرج منه من سن بدعة إذ كل بدعة ضلالة، ويبقى الإذن في من سن عادة مرسلة (مصلحة مرسلة) أو أحيى سنة (١).

ب- وكذا استدلالهم لإنكار سنة التَّرك بقول الله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر ٧] وقول النبي : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه. وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم اه [م ١٣٣٧] قالوا: ولم يقل: ما تركته فاتركوا! ونسوا أنه يلزمهم أن ينكروا أمورا لأنه لم يقل: ما فعلته فافعلوا، وما كرهته فاكرهوا، وما أخبرتكم فصدقوا!!. ثم إنا نقول: قد نهانا عن البدع وهي ما ترك النبي فعله، فهي داخلة في قول الله تعالى (وما نهاكم عنه فانتهوا) وقول النبي : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" وقد نهانا عن البدع. ولهم تصرفات من جنس ذلك هداهم الله (٢).

ج- استدلوا لاستحسان البدع بقول ابن مسعود: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن" [الطيالسي ٢٤٦ وأحمد ٣٦٠٠] وهذا في الاستدلال عجب! لأن ابن مسعود هو أكثر الصحابة ذما للبدع المستحسنة عندهم لأنه كان في العراق. وهذا سياق كلامه: " إن الله عز و جل نظر في قلوب العباد فاختار محمدا فبعثه برسالاته وانتخبه بعلمه. ثم نظر في قلوب الناس بعده فاختار له أصحابه فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه . فما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المؤمنون قبيحا فهو عند الله قبيح اه إذاً حديثه عن رأي الصحابة أنه حجة يستدل به على قصد


(١) - هذا الاستدلال كله على طريقة الأصوليين القائلين بالاستحسان إلزاما .. وسيأتي التفصيل إن شاء الله تعالى.
(٢) - ومثله حديث: " وسكت عن أشياء رحمة لكم" [ك ٧١١٤] فأنكروا به سنة الترك! وإنما يرد الحديث في ما بيانه بالقول لا الفعل لذلك قال: "وسكت". فبابه الأحكام من الحلال والحرام، لا القربات. ولا يقال في القربات: إن ترك الندب إليها بالفعل رحمة، فما أنزل الله علينا القرآن لنشقى! بل لنرحم بالعبادة، والحمد لله أن أذن لنا فيها.

<<  <   >  >>