للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشهد له عمل النبي وأصحابه فهو رد. وقال المثبتون: أن أي عموم يحتمل دخول العمل الحادث فيه فهو شاهد له وأصل في إثبات شرعيته.

٩ - اتفقوا على أن الشأن في القربات التوقف والتماس الإذن (١)، فكما لا يجوز التعبد قبل البعثة إلا بدليل، كذلك بعدها إلا بدليل. وأعني بالقربات مطلق ما يُلتمس به التقرب ليس ما يقرب حقيقة. ثم اختلفوا في تعيين الدليل، فالمنكرون ل"البدعة الحسنة" قالوا: هو العمل على نحو ما اشترط مالك بن أنس . والآخرون قالوا: هو العموم أو العمل. ثم يبقى النظر بعدُ في الاستدلال بالمطلق والقياس، هل يثبت به تعبد أم لا.

١٠ - اتفقوا على أن ما نهي عنه خاصة فهو رد، كنهي النبي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود [م ٤٧٩].

١١ - اتفقوا على قولهم: " ما خالف السنة من المحدثات مردود " لذلك اتفقوا على رد بعض البدع. وتنازعوا في وجه المخالفة. فالمثبتون "للبدعة الحسنة" جعلوا المخالِف نصا خاصا كالأمور التي نهي عنها وما نقل تركه كأذان العيدين، بحيث من أخذ بالبدعة خالف النص حتما. والفريق الآخر قالوا أن المخالف أعم يشمل الفعل والترك، فالترك سنة كما أن الفعل سنة، وكما تكون المخالفة للفعل كذلك تكون للترك، ومن عمل عملا لم يكن من أمرهم فقد خالف.

ومرد هذا إلى الاختلاف في علة الرد للمحدثات. فالمستحسنون قالوا: أن العلة المخالَفة لا الابتداع، لذلك يستحسنون بدعا كثيرة إلا ما ألغاه الدليل الخاص.

والعلة عند الفريق الآخر هي مطلق الإحداث طردا وعكسا، والمحدَث ما تُرِك فعله، لذلك لاحظوا الترك. وقالوا أن المخالفة وصف لازم ليس هو مناط الحكم. أي أن الشرع نهانا عن المحدثات والبدع، فالعلة بدلالة التنبيه الاِحداث والابتداع. كما جرى عمل السلف في الإنكار غالبا، ينكرون المحدث لأنه لم يكن لا لأنه يخالف. والمخالفة حكمة قد تظهر وقد لا تظهر. وهذا كله في ما ليس فيه نهي خاص.


(١) - وإنما أنكر هذا المعنى بعض من أدركنا من المُسَوَّدين دون العلماء المتقدمين.

<<  <   >  >>