والنفس (١): أنّ في البدن الإنساني روحين: أحدهما يقال له الحيواني، ومادته الهواء، وينبوعه القلب، يبعث الشريانات إلى سائر البدن، فيفعل الحياة والتنفس، والآخر يقال له النفساني مادته الروح الحيواني وينبوعه الدماغ، ويفعل في الدماغ نفسه العلم والذكر والرؤية.
ثم قال: القول في النفس: أما النفس فإن وصفها على حقيقتها صعب معتاص جدًّا، والدليل على ذلك اختلاف جل الفلاسفة فيها، وكذلك من بعدهم.
وذكر في الفصل بين الروح والنفس: أنّ الروح جسم، والنفس لا جسم، بل قال: هي جوهر، قال: وإنّ الروح تجري في البدن، والنفس لا تجري فيه، وإنّ الروح إذا فارق البدن بطل، والنفس تبطل أفعالها من البدن، ولا تبطل هي بذاتها، وإنّ النفس تحرّك البدن والحس والحياة تتوسط الروح، والروح تفعل ذلك بغير توسط، وإن الروح تحرك البدن ومثله الحس والحركة، فإنه أول علة ذلك وفاعله فيه، وإن النفس تفعل ذلك وهي علة ثانية، فالروح إذًا علّة قريبة لحياة البدن وحسه وحركته، وباقي أفعاله، والنفس علة ذلك البعيدة.
٤٤٨ - أنبأنا عبد القادر بن عبد العزيز بن عيسى بن الملك العادل، أنبأنا أبو علي البكري الحسن بن محمد، أبنا أبو الفضل عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن صالح ابن المعزِّم الهمذاني بها، أبنا أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي الهمذاني بها، أبنا أبو الفرج علي بن محمد بن عبد الحميد البجَلي، أبنا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الفقيه الهمذاني، ثنا القاسم بن أبي صالح، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا أبو ثابت محمد بن
(١) كتاب الفرق بين الروح والنفس (٢/ ٨٩ - ضمن رسائل ابن سينا).