فهو لك، فإذا أتاه نظر بين يديه إلى منزلٍ كأنما كان منزله معه حُلُمًا، فلا يملك نفسه حتى ينطلق إليه يقول: رب أنزلني هذا المنزل، قال: فيقول: فأين ما أقسمت لي عليه؟ يقول: هذا المنزل الواحد، يقول: فلعلّك تسألني غيرَه، يقول: لا وعزّتك لا أسألك غيرَه، يقول: فهو لك، فإذا أتاه رأى منزلًا كأنما كانت تلك عنده حُلُمًا، فيقوم مبهوتًا لا يستطيع أن يتكلّم، فيقول: مالك لا تسألني؟ فيقول: رب قد سألتك حتى خشيتُ منعَك، وقد أقسمتُ لك حتى استحييت، فيقول: ما الذي ترضى؟ ولا يدري ماذا أعدّ الله لأهل الكرامة، ولم ير إلا الدنيا وملكَها، فيقول: أيرضيك أن أجمع لك الدنيا من أوّل يوم خلقتُها إلى آخر يوم أفنيتها، ثم أضعّفها لك عشرة أضعاف؟ فيقول: أتستهزئ بي وأنت ربُّ العالمين؟ فيقول: لا أستهزئ بك، ولكني قادرٌ أن أفعله".
قال بعض أصحابه (١): لقد سمعتُك تحدّث بهذا الحديث مرارًا ما بلغتَ هذا إلا ضحكتَ، فيقول: لقد سمعتُ رسول الله يحدّث به ما بلغ هذا قط إلا ضحك حتى تبدوَ أضراسُه، فأضحكُ لضحكه، ولقد حدثني رسول الله ﷺ لضحك الله جلّ ثناؤه لقوله: "أتستهزئ بي وأنت ربُّ العالمين"، وقال: "رب ألحقني بالناس، فأُلْحِق بهم، قال: فانطلق يرفل في الجنة حتى يبدو له شيء لم يكن ما رأى معه شيئًا، فيخرّ ساجدًا، فيقول: ما لك؟ يقول: أليس هذا ربي تجلّى لي؟ فيقول: لا، ولكنه منزلك، وهو أدنى منازلك، قال: فيلقاه رجل إذا رأى وجهه وثيابه قام مبهوتًا يظنّ أنه مَلَك، فيسلم عليه، فيرد عليه السلامَ، فيقول: أنا قهرمانٌ من قهارمتك على منزل من منازلك ولك مثلي ألف قهرمان كلهم على مثل منزلي، فينطلق بين يديه إلى