قال أبو عمر يوسف بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد البر النمرى رضى اللَّه عنه.
الحمد للَّه الذى خلق الخلق لما شاء وانشأهم انشاء في دار الإبتلاء والإنصرام والفناء، ثم ينشأهم النشأة الآخرة يوم الدين والجزاء في دار الخلود، والبقاء {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}(١). فإنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
أحمده، حمدا يوجب رضاه ويكافئ نعماه. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده، وأن محمدًا رسوله وعبده. اختاره واصطفاه واجتباه وهداه وختم به النبيين والمرسلين صلى اللَّه عليه وعلى آله أجمعين.
أما بعد فإنى أذكر في كتابى هذا بعون اللَّه وفضله إن شاء اللَّه أسماء المعروفين بالكنى من حملة العلم ومبلغيه ورواته وناقليه ممن اشتهر بكنيته ولم يذكر في أكثر اسانيد الأحاديث باسمه ممن لم يصحب النبى عليه السلام ولم يره ولا كان مسلمًا في حياته، لأنا قد ذكرنا هؤلاء في كتاب الصحابة.
ونذكر في هذا الكتاب من التابعين ومن بعدهم من اشتهر بكنيته أو عرف بها ممن قد وقف العلماء على اسمه ولكنه لم يعرف به وإنما عرف واشتهر بكنيته أذكرهم بعون اللَّه ذكرًا يوقف به على منازلهم ومعرفة أحوالهم وأزمانهم وبمن أخذوا عنه وأخذ عنهم، وهو باب من فنه طريف مستحسن، لم يزل أهل العلم بالسنن يعنون به ويحفظونه ويرسمونه في كتبهم ويتطارحونه رغبة في الوقوف عليه والمعرفة به وينتقصون من جهله.