فإن من البين الذي لا يشك فيه أنه لا قول ولا خطاب ثم, وإنما هو تمثيل وتصوير للمعنى, فظاهر الحديث لا يساعد هذا المعنى ولا ظاهر الآية, فإنه سبحانه وتعالى لو أراد أن يذكر أنه استخرج
الذرية من صلب آدم دفعة واحدة لا على توليد بعضهم من بعض على مر الزمان, لقال: وإذ
أخذ ربك من ظهر آدم ذريته.
والتوفيق بينهما: أن يقال: المراد من " بني آدم " في الآية آدم وأولاده, وكأنه صار اسما للنوع كالإنسان والبشر, والمراد من الإخراج توليد بعضهم من بعض على مر الزمان وواقتصر في الحديث على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر النوع.
قوله:" مسح ظهر آدم " يحتمل أن يكون الماسح هو الملك الموكل على تصوير الأجنة وتخليقها وجمع موادها وإعداد عددها, وإنما أسند إلى الله تعالى من حيث هو الآمر به, كما أسند إليه التوفي في قوله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها}[الزمر: ٤٢] والمتوفي لها هو الملائكة ولقوله تعالى: {الذين تتوفاهم الملائكة}[النحل: ٢٨] ويحتمل أن يكون الباري تعالى.