والصنائع ونحوها مما يتوقف عليه بقاء الشخص والنوع, فيبطل معاشهم وينقطع إدبارهم.
فإن قلت: مفهوم الحديث أن هذا السؤال إنما يكون ممن دفن وقبر, وأما غيره فهو بمعزل عن ذلك, ويشهد له ظاهر قوله – عليه السلام – في حديث زيد بن ثابت:" لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ".
قلت: بل هو أمر يشمل الأموات ويعمهم, حتى إن من مات وأكلته سباع البهائم والطيور, وتفرقت في الشرق والغرب, فإن الله تبارك وتعالى يعلق روحه الذي فارقه بجزئه الأصلي الباقي من أول عمره إلى آخره, المستمر على حاله حالتي النمو والذبول الذي يتعلق به الروح أولا, فيحيا ويحيا بحياته سائر أجزاء البدن, ليسأل, فيثاب أو يعذب.
ولا يستبعد ذلك, فإن الله تعالى عالم بالجزئيات كلها حسب ما هي عليها, فيعلم الأجزاء بتفاصيلها, ويعلم مواقعها ومحالها, ويميز بين ما هو منها أصل وما هو فضل, ويقدر على تعليق الروح بالجزء الأصلي منها حال الانفراد تعليقه به حال الاجتماع, فإن البنية عندنا ليست شرطا للحياة, بل لا يستبعد تعليق ذلك الروح الشخصي الواحد في آن واحد بكل واحد من تلك الأجزاء المتفرقة في المشارق والمغارب, فإن تعلقه ليس على سبيل الحلول حتى يمنعه الحلول في جزء الحلول في آخر.