وإجراء حكمه والقيام بمراسمه وسياساته, وتناوبهم في ذلك إشارة إلى أن هذا الأمر ينتهي من الرسول- صلوات الله عليه- إلى أبي بكر, ومنه [إلى] عمر.
"ونزع أبو بكر ذنوبا أو ذنوبين", أي: إشارة إلى قصر مدة خلافته, وأن الأمر إنما يكون بيده سنة أو سنتين, ثم ينتقل إلى عمر, وكان مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر, وضعفه فيه إشارة إلى ما كان في أيامه من الاضطراب والارتداد واختلاف الكلمة, أو إلى ما كان له من لين الجانب, وقلة السياسة, والمداراة مع الناس, ويدل على هذا قوله: "وغفر الله ضعفه"وهو اعتراض ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم, ليعلم أن ذلك موضوع مغفور عنه, غير قادح في منصبه.
ومصير الدلو في نوبة عمر غربا -وهو الدلو الكبير الذي يستقي به البعير- إشارة إلى ما كان في أيامه من تعظم الدين, وإعلاء كلمته, وتوسع خططه وقوته.
وجده في النزع إشارة إلى ما اجتهد في إعلاء أمر الدين وإفشائه في مشارق الأرض ومغاربها, اجتهادا لم يتفق لأحد قبله ولا بعده.
و (العبقري): القوي, قيل: العبقر اسم واد تزعم العرب أن الجن تسكنه, فنسبوا إليه كل من تعجبوا منه أمرا كقوة أو غيرها, فكأنهم وجدوا منه خارجا عن وسع الإنسان, فحسبوا أنه جن من نسل العبقر, ثم قالوا لكل شيء نفيس.