فإن رقة العوام تعد لقبول الأشكال بسهولة, واللين يقتضي عدم الممانعة والانفعال عن المؤثر بيسر, ولعله لذلك أضاف الرقة إلى الفؤاد, واللين إلى القلب, فإنه وإن كان الفؤاد والقلب واحدا, لكن الفؤاد فيه معنى التفؤد, وهو التوقد, يقال: فأدت اللحم, أي: شويته, والقلب فيه معنى التقلب, يتقلب حاله حالا فحالا بسبب ما يعتريه.
ثم لما وصفهم بذلك أتبعه ما هو كالنتيجة والغاية, فإن صفاء القلب ورقته ولين جوهره يؤدي به إلى عرفان الحق والتصديق به, وهو الإيمان والانقياد لما يوجبه ويقتضيه, والتيقظ والإتقان فيما يذره ويأتيه, وهو الحكمة, فتكون قلوبهم معادن الإيمان, وينابيع الحكمة, وهي قلوب منشؤها اليمن, نسب إليه الإيمان والحكمة تبعا لانتسابها إليه, تنويها بذكرها, وتعظيما لشأنها.
و"يمان": منسوب إلى اليمن, والألف منه معوضة عن ياء النسبة على غير قياس.
وقيل: معنى قوله: "الإيمان يمان"أنه مكي, لأنه بدأ من مكة ونشأ منها, وإنما أضاف إلى اليمن, لأن مكة يمانية, فإنها من تهامة, وتهامة من أرض اليمن.
وقيل: أراد به النسبة إلى مكة والمدينة, وهما كانا من ناحية اليمن حيث قال ذلك, فإنه - عليه السلام- إنما قاله وهو بتبوك من ناحية الشام.
وقيل: أراد به النسبة إلى الأنصار, فإنهم نصروا الحق وأظهروا الدين, وهم يمانية.