سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنها ستكون هجرة بعد هجرة, فخيار الناس هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام"
"وفي حديث عبد الله بن عمر: وإنها ستكون هجرة بعد هجرة"
أي: ستكون هجرة واجبة بعد الهجرة التي كانت من مكة إلى المدينة, لاستيلاء الكفار على بلاد الإسلام, واختلال أمر الدين فيها.
"وفيه: خيار الناس هجرة إلى مهاجر وإبراهيم عليه السلام"
أي: من يهاجر إلى مهاجره وهو الشام, لبقائها في ولاية المسلمين تحميها جنودهم منصورين على من يحاربهم ويتخطى خططهم, كما هو في هذا العصر, ولعل الحديث إشارة إليه.
"وفيه: ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم, وتقذرهم نفس الله"
أي: ينتقل من الأراضي التي يستولي عليها الكفرة خيار أهلها, ويبقى خساس تخلفوا عن المهاجرين جبنا عن القتال, وحرصا وتهالكا على ما كان لهم فيها من ضياع ومواشي ونحوهما من متاع الدنيا, فهم لخسة نفوسهم وضعف دينهم كالشيء المسترذل المستقذر عنه, وكأن الأرض تستنكف عنهم فتقذفهم, والله سبحانه يكرههم فيبعدهم من مظان رحمته ومحل كرامته, إبعاد من يستقذر الشيء وينفر عنه طبعه, فلذلك منعهم من الخروج, وثبطهم قعودا مع أعداء الدين.