"عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره"
نفى تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية, وأراد به نفي التفاوت, كما قال تعالى:{قل أتنبؤون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}[يونس:١٨] أي: بما ليس فيهن.
كأنه قال: لو كان لعلم, لأنه أمر لا يخفى, ولكن لا يعلم, لاختصاص كل طبقة منهم بخاصية وفضيلة توجب خيريتها, كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النشوء والنماء لا تملك إنكارها والحكم بعدم نفعها.
فإن [كان] الأولون آمنوا بما شاهدوا من المعجزات, وتلقوا دعوة الرسول -صلوات الله عليه- بالإجابة والإيمان, فالآخرون آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات, واتبعوا من قبلهم بالإحسان, وكما أن المتقدمين اجتهدوا في التأسيس والتمهيد, فالمتأخرون بذلوا وسعهم في التلخيص والتجريد, وصرفوا عمرهم في التقرير والتأكيد, فكل مغفور, وسعيهم مشكور, وأجرهم موفور.