لأن أطول الصلوات أطول من طوال الخطب المعهودة , فإنه صلى الخسوف ركعتين قرأ فيهما البقرة وآل عمران والنساء والمائدة , وسبح في ركعاته قدر أربع مئة آية منها , ولم يكن شيء من خطبته مثل ذلك ولا نصفه , ولذلك أفرد كلا منهما بقصد ولم يثن , فتكون الصلاة المقتصدة أطول من الخطبة المتوسطة , والمقصود من الأمر بالإطاعة: أن يجعل صلاته أطول من خطبته , لا الإطالة مطلقا.
...
٣١٧ - ٩٨٦ - وقال عمار: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه , فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة , وإن من البيان لسحرا ".
وقوله: " مئنة من فقهه " أي: علامة يتحقق بها فقهه , مفعلة بنيت من (أن) المشددة , فإنها لشدة مشابهتها الفعل لفظا ومعنى أجريت مجراه في بناء الكلمة منها.
ووجه دلالة ذلك على فقهه: أن الصلاة أصل مقصود بالذات , والخطبة تقدمة وتوطئة لها , وما هو بالذات مقصود أحق بالاهتمام والتطويل مما هو سببه ومقصود من يتبعه , فلما آثر الخطيب ذلك دل