جمع المال رأسا وضبطه , وأن كل من أثل مالا جل أو قل , فإن الوعيد لاحق به , فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المراد بالكنز في الآية: لا الجمع وضبط المال مطلقا , بل الحبس عن المستحق والامتناع عن الإنفاق الواجب الذي هو الزكاة , فإنه تعالى إنما فرضها ليطيب بإفرازها عن المال , وصرفها إلى مستحقها ما بقي منه , ولذلك قال عمر: ما أدى زكاته فليس بكنز , وقال ابنه عبد الله: كل ما أديت زكاته فليس بكنز , وإن كان تحت سبع أرضين , وما لم تؤد زكاته فهو الذي ذكره الله , وإن كان على ظهر الأرض.
أو إلى أنه تعالى ما رتب الوعيد على الكنز وحده , بل على الكنز مع عدم الإنفاق في سبيل الله , وهو الزكاة , فمن أداها فهو بعيد عن الوعيد , لقوله: " إنه ما فرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم ".
" فكبر عمر " استبشارا بعدم الحرج المظنون , وكشف الحال , ورفع الإشكال.
ثم إنه - عليه السلام - لما بين لهم أنه لا حجر عليهم في جمع المال وكنزه ما داموا يؤدون زكاتها , ورأى استبشارهم به رغبهم عنه إلى ما هو خير وأبقى , وهي المرأة الصالحة الجميلة , فإن الذهب لا ينفعك ولا يغنيك حتى تقر عينك , وهي ما دامت معك تكون رفيقك , تنظر إليها فتسرك , وتقضي عند الحاجة بها وطرك , وتشاورها فيما يعن لك فتحفظ سرك , وتستمد منها في حوائجك فتطيع أمرك , وإذا غبت عنها تحامي مالك , وتراعي عيالك , ولو لم يكن لها إلا أنها