وفي الشرع: قصد البيت على الوجه المخصوص في الزمان المخصوص.
" فقال رجل " يعني: الأقرع بن حابس: " أكل عام " أي: أتأمرنا أن نحج كل عام, ونصبه بفعل دل عليه " حجوا", وهذا يدل على أن مجرد الأمر لا يفيد التكرار, ولا المرة, وإلا لما صح الاستفهام, وإنما سكت - عليه السلام - حتى قالها ثلاثا زجرا له عن السؤال, فإنه تقديم بين يدي الرسول منهي عنه بقوله تعالى:{لا تقدموا بين يدي الله ورسوله}[الحجرات:١] , لأنه - عليه السلام - مبعوث لبيان الشرائع, وتبليغ الأحكام, فلو وجب الحج كل سنة لبينه الرسول لا محالة ولم يقتصر على الأمر به مطلقا, سواء سئل عنه أو لم يسئل, فيكون السؤال استعجالا ضائعا.
ثم إنه لما رأى أنه لا ينزجر به, ولا يقنع إلا بالجواب الصريح, أجاب عنه بقوله:" لو قلت نعم لوجبت " أي: لوجبت كل عام حجة.
وأفاد به: أنه لا يجب كل عام, لما في "لو" من الدلالة على انتفاء الشيء لانتفاء غيره, وأنه إنما لم يتكرر لما فيه من الحرج والكلفة الشاقة, ونبه على أن العاقل ينبغي له أن لا يستقبل الكلف الخارجة عن وسعه, وأن لا يسأل عن شيء إن يبد له ساءه.