" عن أبي بكرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر, فقال: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض, السنة اثنا عشر شهرا, منها أربعة حرم, ثلاث متواليات: ذو القعدة, وذو الحجة, ومحرم, ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان " الحديث.
" خطبنا ": وعظنا, وأصل الخطب: المراجعة في الكلام.
و" استدار " بمعنى: دار, والمراد: أن الزمان في انقسامه إلى الأعوام وانقسام الأعوام إلى الأشهر عاد إلى أصل الحساب, والوضع الذي اختاره الله ووضعه يوم خلق السماوات والأرض, وهو أن يكون كل عام اثني عشر شهرا, وكل شهر ما بين تسعة وعشرين إلى ثلاثين يوما, لأنه لما كان الزمان مقدار أسرع الحركات العلوية, وكان أظهر المتحركات الفلكية التي يحسن بحركاتها الخاص والعام الشمس والقمر = جعلهما الله تعالى علمين يعرف بهما مقادير الأزمنة وتفاصيل حسبانها, قال الله تعالى:{الشمس والقمر بحسبان}[الرحمن: ٥] أي: بحساب معلوم بين, يجريان في بروجهما ومنازلهما.
وبني وضع السنين على حركات الشمس, ووضع الشهور على حركات القمر, وكانت العرب في جاهليتهم غيروا ذلك, فجعلوا عاما اثني عشر شهرا, وعاما ثلاثة عشر, فإنهم كانوا ينسؤون الحج في كل