للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى: أن من أشكل عليه الشيء والتبس ولم يتبين أنه من أي القبيلين هو, فليتأمل فيه إن كان من أهل الاجتهاد, وليسأل المجتهدين إن كان من المقلدين, فإن وجد ما تسكن إليه نفسه, ويطمئن به قلبه, وينشرح به صدره فليأخذ به وليختره, وإلا فليدعه وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة, هذا طريقه الورع والاحتياط.

وحاصله راجع إلى حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما, ولعله إنما عطف اطمأن القلب على اطمئنان النفس, للتقرير والتأكيد.

فإن النفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك العلاقة التي بينها وبين القلب, الذي هو المتعلق الأول لها, فتنقل العلاقة إليه في تلك الهيئة أثرا, فيحدث فيه خفقان واضطراب, ثم ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى, فيحصل بها انحلال وانخزال, فإذا زال ذلك عن النفس وحدث لها قرار وطمأنينة انعكس الأمر, وتبدلت الحال على ما لها من الفروع والأعضاء.

وقيل: المعنى بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر, والفكرة المستقيمة, وأصحاب الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة, فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر, فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه, ويكون ملهمة للصواب في أكثر الأحوال.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>