يولد على الفطرة " الحديث.
بناء " الفطرة " يدل على النوع, من: (الفطر) وهو الابتداء والاختراع, كالجلسة والركية
واللام فيها إشارة إلى معهود, وهو ما نطق به قوله تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله
التي فطر الناس عليها} [الروم: ٣٠].
والمراد بها: الخلقة التي خلق الله الناس عليها, من الاستعداد للمعرفة, وقبول الحق, والتأبي عن
الباطل, والتمييز بين الخطأ والصواب.
والمعنى: أن كل مولود يولد على وجه لو ترك بحاله, ولم يعتوره من الخارج ما يصده عن النظر الصحيح من فساد التربية وتقليد الأبوين والألف بالمحسوسات والانهماك في الشهوات ونحو ذلك
, لنظر فيما نصبه من الدلائل على التوحيد وصدق الرسول وغير ذلك نظرا صحيحا يوصله إلى الحق ويهديه إلى الرشد, وعرف الصواب واتبع الحق, ولم يختر إلا الملة الحنيفية, ولم يلتفت إلى
جنبة سواها, لكن يصده عن ذلك أمثال هذه العوائق.
وضرب (الجمعاء) و (الجذعاء) لذلك مثلا, فإن البهيمة تولد سوية الأراب سليمة الأعضاء من الجذع ونحوه, فلو لم يتعرض الناس لها بقيت سليمة كما ولدت, وسميت السليمة جمعاء,
لاستجماعها جميع ما ينبغي أن يكون له من الأعضاء.
وقيل: المراد بالفطرة ملة الإسلام, ويعضده: أنه روي:" كل