للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودليل آخر على تقديم (١) القياس على العموم قرره المؤلف في الشرح، وهو: أن تقديم العموم على القياس يؤدي إلى تقديم الضعيف على القوي؛ لأن دلالة العام على ذلك الخاص أضعف من دلالة الخاص على ذلك الخاص؛ لجواز (٢) إطلاق العام بدون إرادة الخاص، ولا يجوز إطلاق الخاص بدون إرادة ذلك الخاص؛ إذ ليس له مدلول غيره.

قال المؤلف في الشرح: وذلك أن القياس دليل شرعي، والعموم دليل شرعي، وهما متعارضان فلا يصح إعمالهما؛ لئلا يجتمع النقيضان، ولا يصح إلغاؤهما؛ لئلا يرتفع النقيضان، ولا يصح إعمال العام دون القياس؛ لأنه يؤدي إلى تقديم الأضعف (٣) وهو العام، على الأقوى وهو القياس، وإنما قلنا بضعف العام وقوة القياس؛ لأن العام يجوز إطلاقه بدون إرادة الخاص، ولا يجوز إطلاق الخاص بدون إرادة القياس، فإذا انبطلت هذه الأوجه الثلاثة تعين الوجه الرابع، وهو تقديم القياس على العام، وهو المطلوب.

وبيانه بالمثال: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّه الْبَيْعَ} (٤) يقتضي بعمومه: حل بيع الأرز متفاضلاً ونسيئة، والقياس على البر يمنع (٥)، فإن أعملناهما أبحنا التفاضل بالآية ومنعناه (٦) بالقياس فيجتمع النقيضان، وإن ألغيناهما فنلغي


(١) في ز: "تقدم".
(٢) في ز: "بجوار".
(٣) في ط: "الضعف".
(٤) آية ٢٧٥ من سورة البقرة.
(٥) في ط وز: "يمنع ذلك".
(٦) في ط: "ومعناه".