للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاستثناء ها هنا هو مشيئة الله تعالى، وهو أن يقول: إن شاء الله (١).

أجيب عن هذا: بأن قوله عليه السلام: إِن شاء الله، ليس ملحقًا بخبره (٢) الأول (٣)، وإنما هو عائد على فعل مقدر كأنه يقول: أقول: إن شاء الله عند قولي: أفعل كذا وكذا، ومثال هذا: إذا قلت لغيرك: افعل كذا، فيقول لك: إن شاء الله، أي: أفعل ذلك إن شاء الله (٤).

وحجة القول بتقييد ذلك بما إذا نواه: أن النية لها تأثير في الأحكام لقوله عليه السلام: "الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" أجيب عن هذا: بأنه لا يصح في جميع الصور؛ إذ لا يخلو صاحب هذا القول: إما أن يريد الاستثناء بمشيئة الله تعالى، وإما أن يريد الاستثناء بأدوات الاستثناء، فإن أراد بذلك الاستثناء بمشيئته تعالى، فلا يصح؛ لأنه لا بد من التلفظ به؛ لأنه سبب حل اليمين ولا تكفي فيه النية.

قال ابن الحاجب: ولا تفيد نية الاستثناء إلا بلفظه (٥).


(١) رواه الطبري عن الحسن، وقال ابن كثير: روى الطبراني بسنده إلى ابن عباس معناه: أن تقول: إن شاء الله.
انظر: تفسير الطبري ١٥/ ١٤١، وابن كثير ٣/ ٧٩.
وقد سبق للمسألة بيان في توجيه رأي ابن عباس، انظره صفحة ١٠١ من هذا المجلد.
(٢) "لخبره" في ز.
(٣) في ز زيادة ما يلي: "الذي هو قوله: غدًا أجيبكم". اهـ.
(٤) أجاب بهذا الآمدي في الإحكام ٢/ ٢٩١، والعضد في شرح مختصر ابن الحاجب ٢/ ١٣٧، ١٣٨، وصاحب تيسير التحرير ١/ ٢٩٩.
(٥) انظر: فروع ابن الحاجب المسمى جامع الأمهات ورقة ٣٧ - أمن مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم ٨٨٧ - د.
ونص العبارة فيه: "ولا تفيد نية الاستثناء إلا بتلفظه".