للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو أيضًا بيان لآية الحج، ولكن بيانهما مختلف (١)، وهذا الحديث الذي مثل به المؤلف هو أيضًا تمثيل الإمام فخر الدين في المحصول (٢)، وهذا الحديث إنما قاله عليه السلام في حجة الوداع (٣)، وهذا المثال إنما جاء على القول بأنه عليه السلام في حجة الوداع قارن (٤) وهو مذهب أبي حنيفة، وقيل: بأنه متمتع وهو مذهب الشافعي، وقيل بأنه مفرد وهو مذهب مالك رضي الله عنهم جميعًا (٥).


(١) لو قال: بيانيهما مختلفان، لكان أولى.
(٢) انظر: المحصول ١/ ٣/ ٢٧٣، وانظر: شرح القرافي ص ٢٨١، وشرح المسطاسي ص ٣٤.
(٣) انظر: صحيح البخاري الحديث رقم ٤٣٩٥.
(٤) قال القرافي في شرحه ص ٢٨١: هو مبني على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعًا.
(٥) وردت الأنساك الثلاثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فروى الإفراد عنه: عائشة وعبد الله بن عمر وجابر وغيرهم، وروى القرآن عنه: أنس بن مالك وعلي بن أبي طالب وجابر وابن عمر، وروى التمتع: علي بن أبي طالب وابن عباس وسعد بن أبي وقاص، وعمران ابن حصين وعبد الله بن عمر وغيرهم.
وجمع بين هذه الأحاديث بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج، فمن روى أنه مفرد أراد أنه لم يفعل إلا أفعال الحج، ومن روى أنه قارن أراد ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من قرن العمرة بالحج، ومن روى أنه متمتع أراد التمتع اللغوي، وهو التلذذ بجمع العمرة مع الحج في فعل واحد.
والصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا وأمر من معه ممن لم يسق الهدي بالتمتع، وقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت".
روى هذا البخاري وغيره. انظره في البخاري برقم ١٦٥١، وانظر: جامع الأصول ٣/ ٩٩ - ١٦١، والمجموع شرح المهذب للنووي ٧/ ١٥٩.
والعلماء متفقون على جواز الأنساك الثلاثة إلا ما روي عن بعض الصحابة والتابعين من خصوص التمتع بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين معه في حجة الوداع. ويرد هذا عموم قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، وعموم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإطباق الأمة =