للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان بيانًا لمجمل؛ فحكمه حكم ذلك المجمل مطلقًا، فإن كان المبين واجبًا فكذلك الفعل الذي هو بيانه واجب، وإن كان المبين مندوبًا فكذلك الفعل الذي هو بيانه، وإن كان المبين مباحًا فكذلك الفعل الذي هو بيانه؛ لأن البيان تابع لمبينه في حكمه إن واجبًا فواجبًا، وإن مندوبًا فمندوبًا، وإن مباحًا فمباحًا (١)، وهذا القسم لا خلاف فيه (٢).

قال المؤلف في شرحه: وذلك أن البيان يعد كأنه منطوق به في ذلك المبين.

فبيانه عليه السلام لآية الحج يعد كأنه منطوق به في الآية، فكأنه تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٣) على هذه الصفة، وكذلك بيانه عليه السلام لآية الجمعة، وقد فعلها بخطبة وجماعة وجامع وغير ذلك من شروطها، يعد ذلك كأنه منطوق به في الآية، فكأنه تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا


(١) بالنصب لما بعد الفاء في الثلاث، والفاء واقعة في جواب الشرط والتقدير: إن كان المبين واجبًا فيكون المبين واجبًا، والقرافي في شرحه ص ٢٨٨ قد رفع ما بعد الفاء، فالتقدير عنده، فالمبين واجب، ومعلوم أن كلا الصنيعين جائز، إلا أن صنيع القرافي أولى؛ لأن كان يجوز أن تحذف مع اسمها ويبقى الخبر، وحينئذ يجوز في الخبرين أربعة أوجه: نصب الأول ورفع الثاني كما فعل القرافي وهذا أولاها، نحو: إن خيرًا فخير، والثاني: رفع الأول ونصب الثاني، وهذا أضعفها نحو: إن خير فخيرًا، والثالث: رفعهما، والرابع نصبهما، وهذان متوسطان، ذكر هذا ابن هشام في أوضح المسالك. انظر: ضياء المسالك ١/ ٢٥٨.
(٢) انظر: إحكام الفصول للباجي ٢/ ٢٦٣، والمستصفى ٢/ ٢١٤، والإحكام لابن حزم ١/ ٤٣١، والإحكام للآمدي ١/ ١٧٣، والعدة لأبي يعلى ٣/ ٧٣٤، وشرح القرافي ص ٢٨٨.
(٣) سورة آل عمران آية رقم ٩٧.