للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيستدل بالتخيير بين شيئين على أن حكمهما واحد؛ لأن التخيير يقتضي التسوية في الحكم (١).

قال المؤلف في القواعد السنية (٢): جمهور الفقهاء يعتقدون أن التخيير يقتضي التسوية، وأنه لا يخير إلا بين واجب وواجب، أو بين مندوب ومندوب، أو بين مباح [ومباح] (٣)، وليس الأمر كذلك، بل التخيير على قسمين: تخيير يقتضي التسوية، وتخيير لا يقتضي التسوية، فالتخيير الذي يقتضي التسوية هو التخيير [بين] (٤) الأشياء المختلفة، كالتخيير بين خصال الكفارة؛ فإن حكم كل واحد من الخصال حكم الأخرى.

وأما التخيير الذي/ ٢٣٦/ لا يقتضي التسوية فهو التخيير بين الأقل والأكثر، أو بين الجزء والكل.

مثال التخيير بين الأقل والأكثر: قوله (٥) تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إلا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (٦)، فإنه خيره تعالى بين الثلث والنصف والثلثين، مع أن الثلث هو الواجب والزائد عليه مندوب، فقد وقع التخيير ها هنا بين واجب ومندوب؛ لأن التخيير قد وقع بين الأقل والأكثر.


(١) انظر: شرح القرافي ص ٢٩١.
(٢) انظر: الفروق للقرافي ٢/ ٨ الفرق الثامن والأربعين بين قاعدة التخيير الذي يقتضي التسوية وبين قاعدة التخيير الذي لا يقتضي التسوية بين الأشياء المخير بينها.
(٣) ليست في الأصل، وقد أثبتها من الفروق للقرافي.
(٤) في الأصل: "بعض"، والمثبت من الفروق للقرافي.
(٥) "فقوله" في الأصل، والمثبت أولى.
(٦) سورة المزمل الآيات من ١ - ٤.