للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثال التخيير بين الجزء والكل: قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١) خير الله المسافرين بين ركعتين وأربع ركعات، مع أن الركعتين واجبتان جزمًا، والزائد ليس بواجب؛ لأنه يجوز تركه، وما يجوز تركه ليس بواجب، وأما الركعتان فلا يجوز تركهما إجماعًا، فقد وقع التخيير بين واجب وغير واجب؛ لأن التخيير وقع بين جزء وكل (٢).

قوله: (أو بما يدل على نفي قسمين فيتعين الثالث) يعني: إذا كان هناك ما يدل على نفي حكمين فإن الثالث يتعين، ذلك أن أفعاله عليه السلام محصورة في ثلاثة أحكام وهي: الوجوب، والندب، والإباحة؛ إذ لا يفعل محرمًا ولا مكروهًا، فإذا كان هنالك ما ينفي الوجوب والندب تعين الإباحة، وإذا كان هنالك ما ينفي الوجوب والإباحة تعين الندب، وإذا كان هنالك ما ينفي الندب والإباحة تعين الوجوب (٣).

وإنما يتعين الثالث بانتفاء الاثنين لضرورة انحصار أحكامه في ثلاثة أشياء وهي المذكورة قبل (٤).

قوله: (أو بالاستصحاب في عدم الوجوب - وبالقربة - على نفي الإِباحة)، يعني: أن من وجوه الاستدلال: أن الاستصحاب يدل على عدم


(١) سورة النساء الآية رقم ١٠١، وقد كتبها ناسخ الأصل: "لا جناح عليكم أن تقصروا".
(٢) إلى هنا انتهى النقل من كتاب الفروق للقرافي، وهو نقل بالمعنى، فقد صاغه الشوشاوي بعبارة مختلفة.
(٣) انظر: شرح القرافي ص ٢٩٢، وشرح المسطاسي ص ٤٦.
(٤) انظر: المحصول ١/ ٣/ ٣٨٢.