للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (١).

وسبب الخلاف في جواز نسخ الخبر: مبني على الخلاف في حقيقة النسخ، فمن قال: النسخ عبارة عن بيان مدة لعبادة، قال هنا بجواز النسخ مطلقًا؛ إذ لا فرق في ذلك بين الخبر وغيره.

ومن قال: النسخ عبارة عن رفع الحكم الثابت، قال هنا بمنع النسخ مطلقًا؛ لأن رفع الخبر يؤدي إلى الخَلْف (٢) والبداء (٣)، وذلك في حق الله تعالى محال، فهذا هو سبب الخلاف بين القولين المتقابلين (٤).

وأما من فرّق بين أن يتضمن حكمًا أم لا، فلأنه إذا تضمن حكمًا كان


(١) البقرة: ٢٣٤.
(٢) بفتح المعجمة وتسكن اللام، هكذا ضبطها الناسخ، والذي ذكره أصحاب المعاجم في معنى هذه الكلمة أنها تطلق على الكلام الرديء، أو عكس قُدَّام، وذكروا معاني أخرى لا علاقة لها بمقامنا، وهذان المعنيان لا يدلان دلالة واضحة على ما يراد من الكلمة ها هنا، ولهذا أظن الأصوب في ضبطها هو الضم للمعجمة، قال صاحب القاموس: والخلف بالضم الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل كالكذب في الماضي، فهذا المعنى هو الذي يدل على ما يراد من الكلمة هنا، وهو التغير في الخبر، والله أعلم.
انظر: القاموس المحيط، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، والمشوف المعلم، والصحاح مادة (خلف).
(٣) البداء، بفتحتين: اصطلاح كلامي تعلق به من أنكر النسخ أو بعض أنواعه، وتعلقت به الرافضة وجعلته سبب النسخ، وعولت عليه في بعض الآراء التي تقول بها، وأصل البداء في اللغة: الظهور، أو نشأة رأي جديد في الأمر، ويعرفه العلماء بأنه ظهور رأي محدث لم يظهر من قبل، أي: أمر بأمر ثم بدا له أن المصلحة في خلافه.
انظر: الإيضاح لمكي بن أبي طالب ص ٩٨، ومناهل العرفان للزرقاني ٢/ ٧٦، وشرح القرافي ص ٣١٠، والقاموس المحيط مادة (بدا).
(٤) انظر: شرح المسطاسي ص ٦٣.