للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (مستدلاً بتحويل القبلة عن بيت المقدس إِلى الكعبة) هذا دليل الوقوع الذي قال به الباجي وأهل الظاهر (١)، وذلك أن أهل قباء كانوا يصلون صلاة الصبح فأخبرهم رجل أرسله عليه السلام إليهم أن القبلة قد حولت من بيت المقدس إلى الكعبة، فاستداروا في [أول] (٢) الصلاة ولم يعيدوا الصلاة (٣)، فعلم النبي عليه السلام ذلك فلم ينكره عليهم، مع أنه لم يثبت عند أهل قباء تحويل القبلة إلا بخبر واحد (٤).

وردّ الاستدلال بهذا بثلاثة أوجه:

أحدها: أن هذا من باب نسخ السنة المتواترة بالآحاد، لا من باب نسخ الكتاب بالآحاد؛ لأن استقبال بيت المقدس لم يثبت بالقرآن، وإنما ثبت


(١) يختلف الباجي وأهل الظاهر في النظر إلى هذه المسألة.
فأهل الظاهر - وقال بقولهم بعض العلماء - يقولون بجواز نسخ الكتاب والسنة المتواترة بالسنة الآحادية مطلقًا.
أما الباجي فإنه يقول بجواز ووقوع نسخ خبر الواحد للقرآن وللسنة المتواترة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بعده، وعلى هذا الرأي الغزإلي كما في المستصفى ١/ ١٢٦.
وانظر: الإحكام لابن حزم ١/ ٤٧٧، والمسودة ص ٢٠٢، والتبصرة ص ٢٦٥، والإحكام للآمدي ٣/ ١٤٨، والإشارة للباجي ص ١٦٧، والفصول له ١/ ٤٦٧.
(٢) هذا ما ظهر لي في هذه الكلمة، وبعض الروايات صرحت بأنهم استداروا في أثناء الركوع.
(٣) حديث استدارة أهل قباء في أثناء الصلاة مشهور.
رواه البخاري ومسلم وأحمد عن ابن عمر، فانظره عند البخاري في الصلاة برقم ٤٠٣، وفي التفسير برقم ٤٤٨٨، ٤٤٩٠، ٤٤٩١، ومواضع أخرى.
وانظر: صحيح مسلم كتاب الصلاة الحديث رقم ٥٢٦، وانظر: المسند ٢/ ١١٣.
(٤) انظر: الفصول للباجي ١/ ٤٦٨، والإشارة ص ١٦٧، والمستصفى ١/ ١٢٦، والمحصول ١/ ٣/ ٥٠٤، وشرح العضد ٢/ ١٩٥، والمسطاسي ص ٦٤.