للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسنة؛ لأنه تواتر فعله عليه السلام بذلك مع أصحابه رضي الله عنهم (١).

أجيب عن هذا: بأن استقبال بيت المقدس ثابت بالقرآن، وهو قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (٢)؛ لأن هذا الدليل يدل على الصلاة بشروطها وأركانها وجميع هيئاتها، كأنه يقول: أقيموا الصلاة: شروطها وأركانها وجميع هيئاتها، فإن الدال على الماهية المركبة يدل على جميع أجزائها، فإن هذا الدليل مجمل بينه عليه السلام بفعله، فيدل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (٣) على استقبال بيت المقدس دلالة إجمالية، ويدل فعله عليه السلام على ذلك دلالة تفصيلية، قاله ابن العربي (٤).

الوجه الثاني: سلمنا ثبوت نسخ القبلة في حق أهل قباء، ولكن إنما ذلك لأجل إقرار النبي عليه السلام ذلك؛ لأنه لما علمه ولم ينكره (٥)، فيكون ذلك النسخ بإقراره عليه السلام لا من جهة خبر الرجل الواحد الذي أخبرهم بالتحويل.

الثالث: سلمنا ثبوت (٦) النسخ في حق أهل قباء، ولكن لعل ذلك من قرائن ثبتت عندهم تدل على تحويل القبلة، كسماع ضجيج أهل المدينة وغير


(١) وعلى هذا فهو حجة عليهم؛ لأنهم يمنعون نسخ الآحاد للمتواتر، وانظر هذا الجواب في: المسطاسي ص ٦٥.
(٢) الأنعام: ٧٢.
(٣) هي في سورة البقرة: ٤٣.
(٤) انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٩، وانظر: المسطاسي ص ٦٥.
(٥) الأولى: لما علمه لم ينكره.
(٦) في الأصل: "سلمنا وثبوت".