للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرب خمرًا يعلمه، وشربه (١) آخر يجهله)، يريد [يجهل] (٢) عينه لا حكمه، مثل أن يظنه عسلاً أو جلابًا (٣) أو غيرهما من الأشربة المباحة، فإذا هو خمر (٤).

قوله: (وكذلك من اتسع في العلم باعه - أي إدراكه - تعظم مؤاخذته لعلو منزلته)، وذلك أنه على قدر المنزلة تكون المؤاخذة، لأن المخالفة مع العلم تدل على الجرأة على الله تبارك وتعالى، ولأن العالم يقتدى (٥) به في أفعاله، فيكون عليه وزر ذلك ووزر من عمل (٦) به إلى يوم القيامة.

ولأجل هذا [لما] (٧) سئل عليه السلام عن أشرار [الناس] (٨) فقال: "العلماء إذا فسدوا" (٩)، والأصل في هذا قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ


(١) "ويشربه" في الأصل.
(٢) ساقط من ز.
(٣) الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام كزنار: ماء الورد. وهو معرب.
انظر القاموس المحيط، مادة: "جلب".
(٤) انظر: شرح المسطاسي ص ١٩٤.
(٥) "لم يفتى" في ز.
(٦) "دل" في ز.
(٧) ساقط من ز.
(٨) ساقط من ز، وط.
(٩) لم أجده مسندًا بهذا اللفظ، وقد أورده ابن عبد البر في جامع بيان العلم ١/ ١٩٣، ثم قال: وهذه الأحاديث وأن لم يكن لها أسانيد قوية فإنها قد جاءت كما ترى، والقول عندي فيها كما قال ابن عمر في نحو هذا: عش ولا تغتر. اهـ.
يريد أن معنى هذه الأحاديث صحيح، وإن لم تكن أسانيدها قوية فإن الواقع يصدقها. وللحديث شواهد، منها ما روى الدارمي في مقدمة سننه ١/ ١٠٤، عن الأحوص بن حكيم عن أبيه قال: سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشر فقال: "لا تسألوني عن الشر، واسألوني عن الخير، يقولها ثلاثًا ثم قال: ألا إن شر الشر شرار العلماء، =